حاملاً معه هموم مجتمعه وتفاصيل الواقع العربي من الهامش إلى المركز.

بخبرته الميدانية، واتصاله المباشر مع قضايا الناس، يسهم العواودة في صياغة الاستجوابات، ترتيب اللقاءات، والتواصل مع الوزارات، في محاولة لتجسير الفجوة بين المواطن العربي والمؤسسة الرسمية. في هذه المقابلة، نقترب من كواليس عمل المستشار البرلماني، نتعرف على يومياته، التحديات التي يواجهها، والأثر الذي يسعى لتحقيقه من موقعه خلف الكواليس.. وأحيانًا في مقدّمة المواجهة.

"عمل مركب ومعقد"

وقال عقاب عواودة في مستهل حديثه لموقع بانيت وقناة هلا حول ماهية عمله: "في الحقيقة، يُعدّ عمل المستشار البرلماني (أو المساعد البرلماني) عملاً مركبًا ومعقدًا أكثر مما يعتقده كثيرون، إذ يجهل معظم الناس طبيعة هذا الدور الحيوي خلف الكواليس. فالمستشار البرلماني هو حلقة الوصل بين النائب، والجمهور، والكنيست نفسها. ويتنوع عمله ليشمل جوانب ميدانية، تشريعية، إعلامية، واستشارية. فعلى الصعيد الميداني، يتولى المستشار متابعة قضايا المواطنين، ونقلها إلى النائب، والعمل على حلّها، سواء من خلال النائب نفسه أو بالتواصل مع الوزارات والمكاتب الحكومية المختلفة. أما على الصعيد التشريعي، فيشارك المستشار في إعداد الاستجوابات، وتحضير الجلسات البرلمانية وجلسات اللجان، بالإضافة إلى صياغة مقترحات القوانين وتقديم الاعتراضات على مشاريع القوانين المطروحة. 

وفي الجانب الإعلامي، يقوم المستشار بصياغة البيانات والخطابات، ويعمل على إيصال وجهة نظر النائب السياسية إلى الجمهور عبر وسائل الإعلام المختلفة. كما يرافق النائب في الاجتماعات والجولات الميدانية، ويهتم بالتحضير المسبق لهذه الفعاليات. ولا تقتصر مهامه على ذلك، بل تشمل أيضًا تقديم المشورة للنائب في القضايا الاجتماعية والسياسية وسائر الملفات المتعلقة بعمله البرلماني. هذا الدور يتطلب من المستشار أن يكون على اطلاع دائم بمستجدات الساحة السياسية – سواء على المستوى المحلي أو القطري – وكذلك بالتطورات الاجتماعية، ليتمكّن من إبقاء النائب على اطلاع دائم بما يجري، ويساعده في اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب. باختصار، فإن عمل المستشار البرلماني هو عمل دقيق ومتشعب، لا يظهر للعيان، لكنه يشكّل العمود الفقري للعمل البرلماني الفعّال".

وأشار العواودة الى "أن عمل المستشار البرلماني أو المساعد البرلماني ليس عملاً تقنيًا بحتًا كما يظن البعض، بل هو في جوهره عمل نابع من الانتماء. لا يمكن أداء هذا الدور بكفاءة وصدق في ظل الضغوط والتحديات والمسؤوليات الجسيمة ما لم يكن الدافع الأساسي هو الإيمان الحقيقي والانتماء العميق للمجتمع، وللنائب الذي يعمل معه المستشار، وللحزب الذي يمثله. هذا العمل لا يُؤدى فقط من باب الوظيفة، بل من باب الالتزام بقضايا الناس والرغبة في إحداث تغيير فعلي. لذلك، لا أتصور نفسي أمارس هذه المهنة مع أي نائب آخر أو في إطار حزب لا أتقاطع معه فكريًا وسياسيًا. 

وجود توافق فكري وخط سياسي مشترك، أو على الأقل تقارب في الرؤية، بين المستشار والنائب والحزب الذي ينتمي إليه، أمر ضروري لتأدية الدور بصدق ونزاهة. بالنسبة لي، فإن انتمائي لقضايا مجتمعي هو ما دفعني إلى هذا المسار. هذا العمل بالنسبة لي ليس مجرد وظيفة أتقاضى عليها أجرًا، بل وسيلة حقيقية لتسخير الموقع البرلماني في خدمة الناس، ومحاولة جدية للمساهمة في حل مشكلاتهم والدفاع عن حقوقهم".

"أنا ابن النقب، ابن المعاناة اليومية"

ومضى قائلاً: "الوظيفة التي أشغلها اليوم كمساعد برلماني للنائب يوسف العطاونة لم تأتِ من فراغ، بل انطلقت أولًا من انتماء راسخ ومتجذر في داخلي. فأنا ابن النقب، ابن المعاناة اليومية، أعيش واقع هدم البيوت، وأشهد التمييز والتضييق الذي لا مثيل له في هذه البلاد. إن حجم الظلم والمعاناة التي نواجهها ونلمسها يومًا بعد يوم، لا يترك لنا خيارًا سوى أن نكون في مواقع تمكننا من خدمة أهلنا والدفاع عن قضاياهم. لا يمكن أن تظل متفرجًا وأنت ترى يوميًا بيوتًا تُهدم، وأناسًا يُهمشون، وحقوقًا تُسلب، خاصة في النقب، هذه البقعة التي أصبحت تمثل النقطة الساخنة والقضية المركزية للمجتمع العربي، بقضيتيها الأساسيتين: الأرض والإنسان. 

وجودي في هذا الدور، كابن للنقب، وبالتحديد من قرية الدريجات، يعمّق إحساسي بالمسؤولية، ويمنحني دافعًا أكبر لمواصلة العمل والنضال، لإيصال صوت الناس ومعاناتهم، وللدفاع عن حقوقهم في كل منبر وموقع. هذا العمل بالنسبة لي ليس مجرد وظيفة، بل هو التزام وانتماء ورسالة".