بلدان
فئات

09.05.2025

°
23:31
الجيش الاسرائيلي يعرض مشاهد إضافية من الغارات على اليمن
23:08
نادي كرة القدم الكبابير يرتقي للدرجة الثانية بالفوز على مكابي قلنسوة - نتانيا
23:04
مصادر فلسطينية: الجيش الاسرائيلي يغتال قائد كتيبة جنين بعد حصاره في نابلس - الجيش الاسرائيلي: تصفية قائد خلية الجهاد الإسلامي
23:04
مدرب أبناء باقة الغربية: لم يحالفنا الحظ رغم التحديات والصعاب واشكر كل من دعمنا
20:24
6 مصابين بحادث طرق بين 3 سيارات في يركا
19:54
جريمة قتل في صالون حلاقة: إقرار وفاة المصاب رميا بالنار في كفر برا
19:34
جريمة تلو الجريمة: مصاب بحالة حرجة في كفر برا
19:25
الناصرة: جمعيّة ‘محامون من أجل إدارة سليمة‘ تفتتح برنامج لقاءات منتخبي الجمهور في السلطات المحلية العربية في منطقة الشمال
19:17
تابعوا : حلقة جديدة من برنامج ‘ مجلة الجمعة ‘
19:05
الشرطة: ضبط 3 مسدّسات وكميات كبيرة من الذخيرة في رهط
18:46
شاب بحالة خطيرة اثر انقلاب ‘تراكتورون‘ في دالية الكرمل
18:40
وسائل اعلام: إيران توافق على جولة رابعة من المحادثات النووية مع أمريكا في عُمان الأحد المقبل
18:11
الشرطة تطلق حملة ‘تطبيق القانون في مدينة رهط ومحيطها‘
17:26
مقتل طفل بإطلاق نار في النقب
17:04
مصادر طبية: طفل (3 سنوات) وشاب بحالة خطيرة في النقب اثر اصابتهما بجراح غائرة
16:41
وقف حركة الملاحة في مطار بن غوريون
16:33
الجيش الإسرائيلي: اعترضنا صاروخا واحدا أطلق من اليمن
16:32
صفارات انذار في منطقة الشارون وغوش دان في اعقاب إطلاق صاروخ من اليمن
16:32
الجيش الإسرائيلي: رصدنا إطلاق صاروخ من اليمن - أنظمة الدفاع الجوي تعمل على اعتراض التهديد
16:19
مركز عدالة: نطالب بتجميد قرار إغلاق ست مدارس تابعة للأونروا في القدس الشرقية
أسعار العملات
دينار اردني 5.05
جنيه مصري 0.07
ج. استرليني 4.77
فرنك سويسري 4.34
كيتر سويدي 0.37
يورو 4.04
ليرة تركية 0.11
ريال سعودي 0.98
كيتر نرويجي 0.35
كيتر دنماركي 0.54
دولار كندي 2.58
10 ليرات لبنانية 0
100 ين ياباني 2.47
دولار امريكي 3.58
درهم اماراتي / شيكل 1
ملاحظة: سعر العملة بالشيقل -
اخر تحديث 2025-05-09
اسعار العملات - البنك التجاري الفلسطيني
دولار أمريكي / شيكل 3.6
دينار أردني / شيكل 5.1
دولار أمريكي / دينار أردني 0.71
يورو / شيكل 4.08
دولار أمريكي / يورو 1.1
جنيه إسترليني / دولار أمريكي 1.31
فرنك سويسري / شيكل 4.37
دولار أمريكي / فرنك سويسري 0.84
اخر تحديث 2025-05-08
زوايا الموقع
أبراج
أخبار محلية
بانيت توعية
اقتصاد
سيارات
تكنولوجيا
قناة هلا
فن
كوكتيل
شوبينج
وفيات
مفقودات
مقالات
حالة الطقس

نحو عالَمٍ تحكمه سلطة القوّة وليس قوّة السلطة | بقلم: المحامي زكي كمال

09-05-2025 07:29:28 اخر تحديث: 09-05-2025 10:59:00

نظرة خاطفة وسريعة على مواقع الأحداث العالميّة ابتداءً من الهند وباكستان والتوتّر الحاصل بل المتزايد بين الدولتين النوويّتين الجارتين، والذي وصل مساء الثلاثاء حدّ الصدام العسكريّ، وأسفر عن مقتل جنود،

المحامي زكي كمال - تصوير: قناة هلا وموقع بانيت

مرورًا بالولايات المتحدة والمكسيك والتهديدات العسكريّة، وصولًا إلى اليمن وغزة والضفة الغربيّة وسوريا ولبنان، تنذر أن عِقدًا ما قد انفرط في عالمنا اليوم (او مسبحة كما يروق للبعض) وصولًا إلى عالَم يغني كلّ فيه على ليلاه، دون قاسم مشترك قانونيّ، أو أخلاقيّ أو إنسانيّ، يلزم الجميع أو يقبله الجميع حتى لو قرّر بعضهم عدم تنفيذه، كما كان الحال في خمسينيّات أو ستينيّات القرن الماضي حين قبلت كافّة دول العالم مكانة وسلطة المؤسّسات الأمميّة ولم تستأنف عليها، دون علاقة بما إذا كانت هذه الدول قد نفّذت تلك القرارات خاصّة التي صدرت عن الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة، ومنها ما يخصّ الشرق الأوسط. وهو القرار 181 الذي تحدّث عن إقامة دولتين عربيّة ويهوديّة في فلسطين، أو القراران 242 و338 اللذان نصّا على ضرورة الانسحاب الإسرائيليّ من الأراضي المحتلة والتي شملت حينها سيناء والجولان والضفة الغربيّة وشرقي القدس وغور الأردن، دون الخوض هنا في الجدل الدائر حول صيغة القرار 242 وهل تحدث عن انسحاب من أراضٍ محتلّة، أو من الأراضي المحتلّة، والفارق شاسع وكبير ومصيريّ، وهي حالة جديدة تثير ربما التساؤلات لدى الكثيرين، وربما القلق حول ما إذا كان العالم الذي قالوا إنه سيصبح قرية كبيرة واحدة، قد تفرّق وتحطّم وانتشرت شظاياه فأصابته ربما في مقتل، ولا أقول هذا من باب الحنين إلى الماضي، ولا من باب الإيمان بقدرة المؤسّسات الأمميّة على تأدية الدور الذي صرح مؤسّسوها أنها أقيمت من أجله. وهو دور أقرب إلى القول والتصريح منه إلى التنفيذ والتطبيق الصحيح والصريح، بل من باب الإيمان أن في العلاقات الدوليّة، كما العلاقات الداخليّة في كل دولة أيًّا كانت خاصّة إذا كانت ليبراليّة أو ديمقراطيّة، منظومات في أسسها التعبير عن مواقفها واتّخاذ قرارات دون أن يحاول البعض التشكيك في صلاحيّاتها، أو مدى أهليّتها للتعبير عن موقفها، أو اتّخاذ القرار وهي الحالة التي كانت سائدة حتى أوائل القرن الحالي بما فيها قرارات المؤسّسات الأمميّة المتعلّقة بالنزاعات في العالم سواء كانت بين الدولتين الأعظم الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتيّ، أو النزاع الشرق أوسطيّ، أو الحروب الأهليّة في أفريقيا ويوغسلافيا والحرب العراقيّة الإيرانيّة وغيرها، لكنها تغيرت في العقدين الأخيرين، وصولًا إلى حالة لا تكتفي الدول بعدم تنفيذ القرارات الأمميّة، بل تتعدى ذلك وصولًا إلى التشكيك في صلاحيّة هذه المؤسّسات في التدخّل أصلًا، واتّخاذ القرارات حول المستوطنات الإسرائيليّة مثلًا في الضفة الغربيّة، وتعامل إسرائيل مع السكان الفلسطينيّين هناك، أو مدى كونها مستقلّة ومحايدة والتساؤل من منطلقات سياسيّة ضيّقة، ما إذا كانت هذه المؤسّسات أمميّة أصلًا، أو أنها ليست كذلك ومنها منظمة الأونروا، أي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، وانتهاءً بقرارات خاصّة من الولايات المتحدة بوقف تمويل هذه المنظّمات والمؤسّسات كمقدمة لتجفيفها أو موتها، والنهاية عالم يسود فيه منطق القوّة وليس قوّة المنطق، تُطلق فيه أيدي الأقوياء عسكريًّا وسياسيًّا ودوليًّا دون ضوابط، تقف فيه المؤسّسات الأمميّة كما يقف الكرام على موائد اللئام، يرتضون بالفتات ويتسوّلون الاهتمام.

خطوة ضررها أكبر من فائدتها
هذا ما نشهده اليوم على صعيد المنظّمات الدوليّة، وهو ما تجلّى في أبهى صوره المؤسفة، وربما المقلقة عبر سلسلة اجتماعات ولقاءات عقدتها نهاية الشهر الماضي، محكمة العدل الدوليّة مؤخّرًا حول ما سمّته المحكمة "توجّهات وواجبات إسرائيل تجاه مؤسّسات العون والمساعدة والإغاثة الدوليّة" تلك الأمميّة، أو الدوليّة في الضفة الغربيّة وقطاع غزة، وهي جلسات استمرت خمسة أيّام كانت الدليل على أن العقد قد انفرط، وأن الخطوط الحمراء المتعارف عليها حتى في النزاعات والحروب قد تلاشت، ومنها صلاحيّة وقدرة المنظّمات الأمميّة والدوليّة على تقديم العون والمساعدة الإنسانيّة والغذائيّة للشعوب التي تعاني أزمات وحروب، والأمثلة على ذلك كثيرة منها المساعدات الإنسانيّة لدول يوغسلافيا المتحاربة والدول الأفريقيّة ومنها السودان وغيرها، وكذلك المنظّمات الأمميّة التي قدّمت الدعم للاجئين الفلسطينيّين في الضفة الغربيّة وقطاع غزة والشتات، وحتى المنظّمات الدوليّة ومنظّمات القطاع الثالث خاصّة في الولايات المتحدة والدول الأوروبيّة، والتي دعمت النشاطات الحقوقيّة والصحيّة والاجتماعيّة للأقليّات ومنها الأقليّة العربيّة في إسرائيل بموافقة السلطات الرسميّة وبإعفاءاتها الضريبيّة، دون اعتبار ذلك تدخّلًا في الشؤون الداخليّة، أو دون اعتبار ذلك خطوة ضررها أكبر من فائدتها، ودون تشريعات تحدّ من نشاطها، وتمنع تقديم الدعم الدوليّ والأمميّ لها إذا كانت في عرف الحكومة الحاليّة لا تستجيب للمواصفات القانونيّة التي تعترف بإسرائيل دولة يهوديّة، ولا توافق على سياسات الحكومة خاصّة المتعلّقة بالضفة الغربيّة وقطاع غزة، وبالتالي فهي وإن كانت مؤسّسات أمميّة ودوليّة تقع في المحظور، حتى لو كانت منظمة الأونروا، منظّمة غوث وتشغيل اللاجئين، والتي تنشط منذ خمسينيّات القرن الماضي بتمويل أوروبيّ وعالميّ، وتحمل في أول حرفين من اسمها بالإنجليزيّة اسم الأمم المتحدة، وبالتالي يتم حظر نشاطها بادّعاءات يتم وسمها على أنها قانونيّة، تعتبرها معادية لإسرائيل ومؤيّدة لحركة "حماس" وتابعة لها.
وليس ذلك فقط، فهذه القرارات التي كانت حتى حين، من الأمور المسلّم بها، تتراوح الردود عليها بين الرفض والقبول تحوّلت اليوم إلى موضع جدل، ترفع الدول رأسها وأبواقها ضدّها، ولا تناقش فحواها ومضمونها خوفًا من حديث ونقاش يستند إلى الحقائق والمعطيات، يكشف المستور ويدين أو يبرئ، كما حدث في قضية إصدار محكمة الجنايات الدوليّة أوامر الاعتقال بحق إسرائيليّين كان لهم ضلع في الحرب على غزة، وارتكبوا وفق رؤية المحكمة جرائم في غزة، والتي قرّرت إسرائيل مواجهتها ليس بمناقشة مضمونها ومحتواها، بل عبر استئناف يتطرّق إلى الجانب الإجرائيّ، بمعنى هل يحقّ للمحكمة بحث أمور تتعلّق بمحاكمة مواطنين إسرائيليّين على أعمال وربما مخالفات ارتكبوها في أراضٍ أو مناطق يتم تصنيفها على أنها محتلّة. وهي مواجهة خضعت لها المحكمة أو تساوقت معها عبر مناقشة هذا الجانب، دون أن توافق على إلغاء أوامر الاعتقال الصادرة بحقّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير أمنه الأسبق يوآف غالانت، ومع رفض ادّعاءات إسرائيل أن المدّعي العامّ للمحكمة كريم خان، لم يلتزم بالنظام الإجرائيّ ولم يمنح إسرائيل مهلة شهر لتمكينها من التحقيق بنفسها في الجرائم المنسوبة لجنودها ومسؤوليها، إضافة إلى ادّعاءات إسرائيليّة أخرى تتعلّق بكون فلسطين لا تعتبر دولة وبالتالي لا حقّ لها بالمثول أمام المحكمة وتقديم الشكاوى، ومن هنا لا صلاحية للمحكمة بالنظر في جرائم قد تكون ارتكبت فوق أراضيها. وهو ادعاء ليس له ما يستند عليه خاصّة، وأن الأمم المتحدة اعترفت بدولة فلسطين ومنحتها صفة عضو مراقب فيها، أما الأمر الثاني فهو أن اتفاقيّات أوسلو، لم تمنح الطرف الفلسطينيّ حقّ محاكمة مواطنين إسرائيليّين وبالتالي لا يمكنهم منح المحكمة صلاحية قانونيّة لم تكن أصلًا لهم، وهذه ادّعاءات حتى وإن كان لها ما يبرّرها ربما من الناحية القضائيّة، إلا أنها ستواجَه بالرفض خاصّة استنادًا إلى وجهة النظر السائدة، والتي تتعّلق بمفهوم سائد بين قضاة المحكمة، ملخّصها أن المحكمة تمثّل عبر إجراءاتها المجتمع الدوليّ بكامله، أو "العدل الدوليّ الشامل" وليس دولة أو منطقة بعينها، ولكن ورغم قبول المحكمة مناقشة اعتراضات إسرائيل المتعلّقة بالصلاحية، تبقى إسرائيل هنا الخاسر الأكبر، لأنها لم تستطع إلزام المحكمة، أو إقناعها بإلغاء أوامر الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت، ما يمكن أن يفتح الباب أمام أوامر مشابهة بحقّ مسؤولين آخرين، تمنعهم من حرية الحركة، تمامًا كما كان الحال مع نتنياهو الذي اضطر إلى إلغاء زيارته إلى أذربيجان بعد أن رفضت تركيا السماح لطائرته الخاصّة بالتحليق في أجوائها، كما ينصّ قرار المحكمة وأمر الاعتقال.

الفوارق بين القرارات الدوليّة الملزمة وتلك غير الملزمة، ليس واضحًا وليس كبيرًا
الموقف الإسرائيليّ من منظّمة الغوث الدوليّة هو مثال آخر، طلبت فيه الأمم المتحدة من محكمة الجنايات الدوليّة تقديم رأيها (ورقة موقف)، بعد تشريع البرلمان الإسرائيليّ لقانون يحظر عمل منظمة الأونروا، في إسرائيل والضفة الغربيّة (مناطق السلطة الفلسطينيّة) وغزة، كما يحظر التعامل معها، مع الإشارة إلى أن موقف إسرائيل تم تسليمه خطيًّا للمحكمة، وأن ممثّليها لن يظهروا، أو يمثلوا أمام المحكمة بشكل وجاهيّ، لأنّ ورقة الموقف أو الرأي المذكورة والتي ستصدرها المحكمة لا تشكّل قرارًا ملزمًا للدول حتى الأعضاء في المحكمة، لكنها قد تشكّل مقدّمةً أو محفزًا لبعض الدول لاتّخاذ خطوات ضد إسرائيل، أو المطالبة بتجميد عضويّتها في الأمم المتحدة، إذا لم يعرقل مجلس الأمن ذلك بتصويت الفيتو (حق النقض) من الولايات المتحدة، أو دولة أخرى صاحبة عضويّة دائمة في المجلس. وهنا يجب الالتفات إلى ما جاء من وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة وهي التي قدمت الردّ الإسرائيليّ، خاصّة ما جاء على لسان وزير الخارجيّة جدعون ساعر، والذي قال إن هناك تطابقًا تامًا بين الأونروا وحركة "حماس" وأن الإجراءات التي تتّخذها المحكمة لا تهدف إلى كشف الحقيقة والتحقيق في جرائم حرب، بل تهدف إلى نزع الشرعيّة عن إسرائيل التي تردّ على هجمات السابع من أكتوبر وتحارب منظمة "إرهابيّة تقتل المدنيّين" وتحتجز الرهائن، وهو قول يواجه صعوبات، بل يبدو منفصلًا عن الواقع على ضوء قرار حكومة إسرائيل هذا الأسبوع استئناف الحرب في غزة وتضييق الحصار عليها، ومنع دخول المعونات الإنسانيّة، وما رافق ذلك من تحذيرات من منظّمات الأغذية الدوليّة التي تحذّر من نفاذ مخزون المواد الغذائيّة في قطاع غزة والذي يعتاش منه نصف سكان القطاع منذ بداية الحرب هناك، كما جاء في تصريح جوناتان فيتال، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانيّة من أن المواطنين في غزة يواجهون صعوبة في العيش والبقاء على قيد الحياة وأن أولئك الذين لا يموتون بفعل القصف يتضورون جوعًا ويموتون موتًا بطيئًا كلّ يوم، وإلى هذا تضاف حقيقة هامّة جدًّا، وهي أن الدول والهيئات التي ستدلي بموقفها أمام المحكمة ومنها روسيا وإسبانيا ومصر والأردن وجنوب أفريقيا، هي دول تراوحت مواقفها بين التنافر التام مع إسرائيل، أو الانتقادات الصديقة ولكن القاسية، ما يؤكد أن المواقف هناك لن ترحم إسرائيل حتى لو تجنّدت الولايات المتحدة وهنغاريا اللتان تدعمان إسرائيل وترفضان قرارات المحكمة، لصالح موقف إسرائيل ودعمًا لها.

وفي هذ السياق، على الجميع أن يتذكّر أن الفوارق في العالم الحقيقيّ وعلى أرض الواقع، بين القرارات الدوليّة الملزمة وتلك غير الملزمة، ليس واضحًا وليس كبيرًا، وأن محكمة العدل الدوليّة هي المخوّلة بالبتّ في أيّ خلاف بين الأمم المتحدة وأي دولة في العالم، وقرارها يمكن أن يكون ملزمًا حتى لو لم تكن هناك إمكانيّة لتنفيذه تمامًا كقرارات مجلس الأمن التي يحبطها ويمنعها حقّ النقض. ورغم ذلك فإن تبعاته قد لا تكون مباشرة، لكنها تبقى ماثلة على كيفيّة تعامل الدول بكل ما يتعلق بمساعدة إسرائيل ودعمها وبيع الأسلحة لها، وربما ستتعرّض دولة إسرائيل بفعل قرار المحكمة غير الملزم، إلى عقوبات تفرضها الدول، خاصّة بسبب قضية حظر نشاط الأونروا والتي تدعي إسرائيل وستدّعي أنها تلحق الضرر بالشأن الفلسطينيّ والفلسطينيّين أكثر ممّا تفيدهم، وهو ادّعاء على إسرائيل أن تجتهد لإثبات صحّته دون أي ضمان أنها ستنجح، خاصّة وأن الأدلة تشير إلى أن النقاش سيدور حول الجانب الإجرائيّ، وأن المحكمة ستناقش ما إذا كانت الأونروا منظّمة أمميّة تابعة للأمم المتحدة وبالتالي يحقّ لها العمل في الضفة الغربيّة وغزة أم لا، ولذلك من المتوقّع أن تؤكّد ورقة الموقف التي ستبلورها المحكمة الواجب الملقى على عاتق إسرائيل حول السماح بنقل المؤن الإنسانيّة إلى قطاع غزة، والسماح لدول أخرى بإدخال المواد الغذائيّة والمعونات الإنسانيّة.

" هوس القوّة"
خلاصة القول أن النتيجة المتوقّعة أن أوامر الاعتقال الصادرة بحقّ رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت ستبقى قائمة، ولن يتم إلغاؤها في المستقبل القريب، أو المنظور رغم ملاحظة محكمة العدل الدوليّة، أو تنبيهها للمدعي العام في محكمة الجنايات كريم خان، بأن عليه الامتناع عن الإعلان مسبقًا عن إصدار تلك الأوامر، أو عن نيته طلب إصدارها والتي تتعلّق بتهم أو شبهات حول جرائم حرب تتم في غزة، قد تصل كما يقول البعض إلى حدّ إبادة الشعب. وهو مصطلح ليس بجديد، بل إنه صدر لأول مرة في العام 1933 أي قبل الحرب العالمية الثانية والإبادة أو الكارثة النازيّة، وتحديدًا من قبل القضائيّ، أو رجل القانون اليهوديّ، رفائيل ليمكين، وتم شرحه بالأساس على أنه "إبادة مجموعة عرقيّة سياسيّة، أو دينيّة حتى إيصالها إلى حدّ عدم الوجود كمجموعة" وهو تعريف كان عرضة على مدار السنين لضغوطات، وربما تأويلات سياسيّة عديدة، أدّت إلى "تخفيف الشروط" التي تسمح بالحديث، أو الادعاء بحدوث إبادة، والأمثلة كثيرة منها قضية الأرمن في تركيا وما حدث في سوريا خلال الحرب الأهليّة، وربما مؤخّرًا من قتل الدروز والعلويين، وكذلك في السودان وتحديدًا منطقة "دارفور"، أو جنوب السودان. وهي أمور كانت السبب في تدفّق ملايين اللاجئين من هذه المناطق إلى دول أوروبية، وربما كانت السبب فيما يحدث في غزة وأوكرانيا اليوم.
ختامًا، ما يحدث اليوم في كافّة المواقع سابقة الذكر يؤكّد خطورة "هوس القوّة"، أو " تقديس القوّة" وهي قضيّة عالجها علماء النفس وخبراء علم الاجتماع والمؤرّخون، ووصفوها على أنها عقليّة تتسم بالعربدة والانفلات، أدّت إلى حروب وأطالت امدها، تتّسم بانحطاط أخلاقيّ وقتل جماعيّ دون تمييز، علمًا أن الموقف أو الاعتقاد السائد بين جميع أولئك أن أوّل أسبابها هو التزمّت أو التطرّف الدينيّ والتوجّهات المسيحانيّة الخلاصيّة. وهذه هي الخطورة بعينها خاصّة وأن العالم شهد منذ بداية القرن العشرين تقلّبات سياسيّة، وانتشارًا لتوجهات دينيّة متزمّتة ومتعصّبة، أو توجّهات قوميّة متطرّفة لا تقبل المساومة تمارس اللعبة الصفريّة، وآخر مظاهرها ازدياد التوجّهات التي تنحو إلى سلطة الحاكم الواحد، وتبتعد عن الليبراليّة والتسامح والتعدديّة، بل تتعمّد دوس حقوق الأقليّات الدينيّة والعرقيّة والسياسيّة وربما محاولة إبادتها وانتهاج سلطة القوّة بدل قوّة السلطة، وصولًا إلى توجّهات تعتبر الأرض والجغرافيا والتعاليم الدينيّة المتطرّفة أساس البقاء، بل أهمّ من الإنسان وبقائه، واعتبار الحرب التي كانت خيارًا مرًّا حتى اليوم، وسيلة مشروعة وخيارًا للقادة نتيجته إعادة توحيد الشعب وإخفاء خلافاته ولو لفترة، وبالتالي الحفاظ على بقائهم في السلطة. وهم القادة الذين تزداد أعدادهم وتتعدّد أسماؤهم في أيامنا هذه وتختلف طرق وصولهم إلى القوّة وتشكّل الديمقراطيّة وسيلة متاحةً لهم لذلك، وبالتالي يصحّ فيهم قول توماس جيفرسون: أظهرت التجربة أن أولئك المؤتمنين على السلطة قد حرّفوها مع الوقت وبعمليّات بطيئة، إلى الطغيان حتى في أفضل أشكال الأنظمة". وأخيرًا تبقى الأقوال أفضل شاهد على ما نقول: "العدل إذا دام عَمّر، والظلم إذا دام دَمرّ!!!".

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: bassam@panet.co.il

panet@panet.co.ilاستعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ

إعلانات

إعلانات

اقرأ هذه الاخبار قد تهمك