د. أسامة مصاروة - تصوير: موقع بانيت وقناة هلا
أنْ يوحِّد كلمتَنا على قلبِ رجلٍ واحِدٍ يؤمِنُ بالْمصْلَحةِ الوطنيّة الْعامة التي تقضي بأنْ تكونَ هذه المصلحةُ العامةُ تجسيدًا لِمصلحةِ كلِّ فردٍ من أبناءِ بلدِنا الحبيبِ.
والأمرُ الطبيعيُّ أن يرى المواطنُ في المصلحةِ العامّةِ مصلحتَهُ الشخصية ومصلحةَ أفرادِ أسْرتِهِ، فالمدرسةُ على سبيلِ المثالِ ملكُ لأبناءِ البلدِ قاطبةً يدرسُ فيها ابنُ هذه العائلةِ إلى جانبِ زميلِهِ منْ عائلةٍ أخرى، فإذًا صلاحُ المدرسة يصُبُّ في مصلحةِ ابنائِنا جميعًا وبالتالي في مصلحةِ أهالي الطيبة جميعًا، أَليْسَ كذلك؟
مع ذلك وأنا الذي درّسْتُ مدة 40 سنةً عرفتُ وأنتم تعرفونَ وإلى اليومِ كيف تُوظَّفُ المدارسُ لمصالحَ شخصيةٍ وطبْعًا انتخابيةٍ وكذلك الوظائف. لو كانَ القرارُ يفرضُ أنْ يكونُ الرجلُ المناسبُ في المكانِ المناسبِ لما فسدت مدارسنا العربية جميعها، وأنا زرتُ وأزورُ حتى الآنَ مدرسةً على الأقَلِّ من أقصى الشمالِ إلى أقصى الجنوبِ وعلى حسابيَ الشخصي فأنا أرفضُ أن يقدمَ لي قرشًا لمصْلَحَةٍ شخصيّةٍ والكثيرونَ منْ أهالي الطيبة يعرفونني ولكن مَن بقلبهِ مرضٌ وهم للأسفِ الشديدِ أيضًا كُثْرُ لا أريدُهم أن يدعموا معنويًا طبعا فعاليّاتي التي تهدفُ فقط لرفعةِ الطيبةِ التي مِن واجِبنا الأخلاقي أولًا وقبلَ كلِّ شيءٍ دعمُها وتعزيزُ الانتماءِ لها بالعملِ وليسَ فقط بالمطالبةِ بِمصالحَ شخصيةٍ وعلى حسابِ المصلحة العامة.
كنتُ على مدى عقودٍ وليسَ سنينَ أرى كيف يوظفُ المنتفعونَ والمتَسَلِقون وأشباهُ المثقفين والثقافة منهم براءٌ وهؤلاءِ كثيرونَ كانوا وما زالوا إلى هذهِ اللحظةِ يمارسونَ الفِتَنَ ويدسّونَ السمَّ ويشوّهونَ وجهَ الطيبةِ الذي من المفروضِ أنْ يكونَ جميلًا. هيّا أخْبِروني وأنتم تنظرونَ إلى وجوهِكمْ في المرآةِ، أخبروني هل وجه الطيبة جميلٌ؟ إنْ أجبتم بنعم كيف؟ وإنْ أجبتُمْ بلا، لماذا؟ يا ناسُ أصْدقوا مع أنفُسِكمْ ولو مرةَ واحِدةً في الْعمْر.
وحتى لا أطيلُ عليْكمْ معْ أنّ على لساني ما يملأُ كُتبًا، لعلّكم لا تعرفونَ أنني أصْدرتُ 37 كتابًا وفي المطبعة 3 كتب تنتظر الطباعة. أنا اضحك على نفسي إذ أسمعُ الكثيرين يقولونَ "وشو يعني، طز" وإذا قلت عندي 16 شهادةَ دكتوراةٍ فخريةً بالإضافةِ للجامِعيةِ سيقولونَ "طُزّين" فأنا أعرف أبناء بلدي لا تحاولوا أنْ تتجمّلوا.
المهم: منذُ أنْ أصبحتُ مدرسًا في ثانويةِ الطيبةِ سنة 1970 وكنت شابًا أحبُّ بلدي وأغارُ عليها وتزعجني ممارساتُ عائليّةٌ سلبيّةٌ لا تليقُ بالطيبةِ وأهلِها حاولتُ مرارًا وتكرارًا أنْ أخدمَها بِفكري وثقافتي ومشاعري بعدة أساليبَ وطُرقٍ شتى وأنا متأكِدٌ أن أصحابَ الضمائرِ الحيّةُ والصادِقَةِ يعرفونَ ذلك مع أنَهم للأسف الشديدِ أقليّةٌ. أقولُ قمتُ باتصالاتٍ شخصيةٍ معْ أصدقاءٍ لي يشاركونَني الفكرَ والرأي أذكرُ منهم أخي وصديقي المرحومُ وليد الصادق، أخي وصديقي المرحومُ القاضي عبد الجواد الحاج قاسم، أخي وصديقي المرحوم حسين مرعي، أخي وصديقي المرحوم سعيد حسن قاسم، أخي وصديقي المرحوم عبد الرحمن عصفور، أخي وصديقي المرحوم عبد العزيز أبو اصبع، أخي وصديقي المرحوم محمد الطباخ، أخي وصديقي المرحوم عبد الرحيم مفلح حاج يحي وغيرهم من الشباب فيما بعد. وكان الهدفُ الأوحدُ والوحيدُ كيف نخرجُ الطيبةَ مِن براثنَ العائليةِ المقيتة وأظافرِها الحادةِ التي يشحذُها كلَ مدّةٍ أولئكَ الذينَ ذكرتُهمْ أعلاه.
وقلنا لا حلَّ للطيبةِ لتخرجَ من مستنقعِ العائلية الآسنِ إلّا الائتلافُ الشاملُ والشاملُ فقط. وللأسفِ الشديدِ للمرةِ المليونِ فشلْنا في تحقيقِ هذا الهدفِ السامي والنبيلِ، إذْ كنّا قلةَ تسبحُ ضِدَّ التيّارِ. رحمَ اللهُ مَن اختارَهُ لجوارِهِ والتي ذكراهمُ العطرةُ ستبقى تغمرُ قلوبَ مَنْ تبقى حيًا وأطال الله في أعمارِهمْ.
ظلَّ حُلُمُ الائتلافِ الشاملِ يشغَلُ بالي ويُعشِّشُ في قلبي منذُ 55 سنةً وما زالَ رغمَ كلِّ المُحاولاتِ التي أفشَلها كالعادةِ مَنْ يتغذّى على الفسادِ والْقرَفِ العائلي والجاهلي والابتزاز والاتِّجارِ بأصواتِ الْبُسطاءِ وأصحابِ المطامعَ مِن الرأسِ وحتى أخْمُصِ القدمْ.
سؤال: كيفَ يتمُّ دعْمُ العائلاتِ لمرشحِهم للعُضويةِ ولماذا؟ ثمَّ كيفَ يتمُّ دعمُ هذا العضوِ لمرشحِ الرئاسةِ من هذه العائلةِ أو تلك (المصاروه على سبيلِ المثالِ أو آل الحاج يحيى لا لسبب إلّا لكونِهما تمثلان العائلتين الأكبرَ في الطيبة.) ماذا لوْ كانَ في الطيبةِ شخصٌ أفضلُ من مرشحِ المصاروه أوْ مرشحِ الحاج يحيى للرئاسةِ وعيبُهُ أنَّهُ من عائلةٍ صغيرةٍ جدا نسبيًا أيّ أنَّ عددَ أصواتِ أبنائِها لا يتجاوزُ الخمسين صوتًا مثلًا؟ هلْ له فرصةٌ لمجردِ الترشحِ أمْ أنَّ الأمرَ سيبدو للجميع نكتةً وحتى سخيفةً.
ثُمَّ لي سؤالٌ آخرُ: كلكم تعرفونَ والأمرُ ليسَ بعيدًا زمنيًا مع أنّني عايشْتُ ذلك مرارًا وبالتأكيدِ الكبارُ سنَا مثلي شهدوا وشاهدوا مثلَ هذهِ التقلباتِ، التذبذباتِ التردّداتِ، التّحوُّلاتِ سمِّها كما شئْتَ، وأقصدُ أنَّ مرشحَ عائلةِ ما يتنقَّلُ ما بينَ مرشحِ الرئاسةِ لهذه العائلة وفي هذهِ الدورةِ الانتخابيةِ ونراهُ يدعمُ وينضمُّ لمرشحِ الرئاسةِ لتلك العائلة المنافسةِ ولا عيبَ ولا حرجَ إنْ رأيناه يعودُ لدعمِ المرشحِ الذي سبقَ لهُ أنْ دعمَهُ وَمِنْ بعدُ تركَهُ وهكذا دواليْكَ. أنا شخصيًا وأبناءُ جيلي اعتادوا أنْ يروْا مرشحًا ما يدعمُ مرشحَ المصاروه مثلا اليومَ وفي الدورةِ القادمةِ يدعمُ مرشحَ آل الحاج يحيى والأمْرُ طبيعيٌ فمصالحُهُ الشخصيةُ ومصالحُ مَنْ حولَهُ من المنتَفعينَ تقضي بذلك. أسمعُ مَنْ يقولُ ومصالحُ الطيبةِ العامةُ ما شأْنُها؟ أنتم تعرفونَ ولا حاجةَ لي أنْ أُجيبَكُمْ فأنا أعتمِدُ على ذكائِكم أو على تجاربِكُمْ.
طبعًا كلُّ أنسانٍ حرٌ باتّخاذِ الموقفِ أيًا كانَ من أنا لأملي عليهِ إرادتي وفكري وفلسفتي في الحياة. لكن أريدُ أنْ أوضِّحَ ما أعتقدُ أنّهُ أخلافيٌ معْ أنّنا نعيشُ في زمنٍ لا قيمة للأخلاقِ فيه ولا معنىً للقِيَمِ ولا تمييز بينَ الباطلِ والْحقِّ. وهل أصلًا توجدُ عدالةٌ بينَ الأخوة فما بالكَ بينَ الأعداء. لو أنَ اتّخاذَ هذا الموقف أو ذاكَ مبنِيٌ أو قائمًا على رفضِ فسادِ هذا الرئيسِ أوْ ذاكَ أهلًا وسهلًا، فالموقفُ مشرِّفُ لصاحبهِ. يعني لو أنَّ عضوًا ما كانَ قدِ انْضمً لرئيسٍ ما سواءٌ أكانَ من هذه العائلةِ أو تلكَ وفي الدورة القادمةِ تركهُ لرفضِهِ فسادَهُ وسياستَهُ الْعنصريةَ أوِ الطائفيّةَ أوِ الْحزبيّةُ المسيئةَ للبلدِ طوبى لَهُ، أنحني احترامًا وإجلالًا لهُ. والسؤال يا ناسُ يقولُ وانظروا إلى وجوهِكمْ في المرآةِ وأنتُمْ تجيبونَهُ: هل هذا ما يحدثُ عادةً ويحدثُ الآنَ في الطيبة وأنتم تشهدونَ وتتساءلونَ وتتناقشونَ وتتحدثونَ للإعلامِ وتسمعونهم، أم أنّ وراءَ الأكمةِ ما وراءَها.
باختصارٍ شديدٍ بالرغمِ من إطالتي وإسهابي. الحلُّ الأوحدُ والوحيدُ كما قلتُ قبلَ أكثرَ من خمسين عامًا الائْتلافُ الشاملُ لعلَّ ارواحَ زملائي ترتاحُ بعدَ مرورِ كلِّ تلكَ السنينَ وأنا أرتاحُ بل وأسعَدُ قليلًا في نهاية عمري إن لحقتُ بتحقيقِ حُلُمي القديمِ الجديدِ.
باحترام ابن الطيبة د. أسامه مصاروة
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: bassam@panet.co.il