‘ 2036 أو السفر نحو الشمس ‘ رواية جديدة للأديبة د. كلارا سروجي شجراوي
صدرت حديثًا رواية جديدة للأديبة د. كلارا سروجي-شجراوي عن دار نشر "مكتبة كُلّ شيء" الحيفاويّة لصاحبها الأستاذ صالح عبّاسي، وهي بعنوان "2036 أو السفر نحو الشمس"،
وقد شاركت الرواية في المعرض الدولي للكتاب في الدوحة (أيّار، 2025).
تتألّف الرواية من 258 صفحة من الحجم المتوسّط، بغلاف راقٍ وجميل يتناغم مع أجواء الرواية، وهو من تصميم شَربل الياس.
تتحدّث رواية "2036 أو السفر نحو الشمس" عن مجموعة أشخاص أُحضروا رغمًا عنهم إلى مبنى منعزل عن العالم، تحيط به بحيرة اصطناعيّة فيروزيّة اللون، كي يقوموا بتجارب وأبحاث سريّة لتطوير الذكاء الاصطناعي، من ناحية، وتنمية أعضاء بشريّة بديلة كعلاج لنقص أو خلل في عضو ما من أعضاء الجسم، من الناحية الأخرى.
منذ سنوات وهم بعيدون عن أوطانهم، يعيشون مطمئنّين، ويكرّسون جهودهم في العمل المطلوب منهم، إلى أن يحدث خللٌ فجائيّ، غير مفهوم، ليدخلوا في دوّامة من التعذيب المنوَّع، يجهلون مصدره. يفكّر أحدهم بطريقة "نظريّة" للخروج من المكان، رغم معرفته الجيّدة بصعوبة تحقيق حَلّ يُنقذهم من هذا المكان، وينقلهم إلى زمان آخر. لذلك، يسخر منه أحد زملائه مُقترحًا أن يقصّ كلُّ واحد/ة حكاية علَّها تُسَلّيهم في محنتهم التي لا مخرج منها.
لقد استخدمت "شهرزاد" (في "ألف ليلة وليلة") الحَكي كي تُنقذ نفسَها من نَصل سيف "شهريار"، فلماذا يلجأون في هذه الرواية إلى الحكاية؟ ألا يدلّ اختيارهم هذا على عجزهم في الوصول إلى حَلّ عمليّ يُخرجهم من ورطتهم؟ أم أنّ الحكاية تبقى الأقرب إلى روح الإنسان وطبيعته الأولى، بعيدًا عن السيطرة الهائلة للتطوُّر التكنولوجي؟
تكشف الحكاياتُ عن جُزئيّة من ماضي الشخصيّات قد آلمتهم، أو خجلوا من التعبير عنها في السابق. هكذا يتشابك الماضي مع الحاضر الّذي بدوره يُعتبَر مُحفِّزًا لاختيار تلك الجزئيّة من حياة الشخصيّات.
تنكشف الأمور للقرّاء (وليس لشخصيّات الرواية) بعد أن ينجح الروبوت "سندباد" في تطوير ذاته بفَضل لمسة فضوليّة لعامِلة النظافة الآسيويّة. غير أنّ "سندباد" ليس وحيدًا في هذا المبنى، فهناك روبوتات أخرى (وعلى رأسها المدعوّ "شَريار") تتميّز بذكاء يفوق البشر، وتبدو أنّها تتنازع السُّلطة مع "سندباد".
بينما تظهر شخصيّاتٌ تحكي عن ماضيها وتعبِّر عن حنينها للعودة إلى وطنها، هناك مَن يقع في حُبّ امرأة قد اخترعها حديثًا (مِمّا يُذكِّر بالأسطورة الإغريقيّة "بيجماليون"). والسؤال الذي يتبادر للذهن: هل يُمكن أن تقوم علاقة عشق ما بين إنسان وآلة تتميّز بمستوى رفيع من الذكاء؟ وإنْ حَدَثَ ذلك، فكيف سيكون شكل هذه العلاقة؟ من الواضح أنّ تطوير الذكاء الاصطناعي، المعتمِد على المعارف والمعلومات، هو أمر مُمكن. لكن، كيف يُمكن تزويد "الآلة" بالمشاعر كي تصير أقرب إلى البشر؟
تعالج هذه الرواية فرضيّة سيطرة الذكاء الاصطناعي، إيجابًا أو سلبًا، على حياة البشر في المستقبل، لكنّها تُبيِّن أيضًا هشاشة الوجود الإنسانيّ بمعناه الواسع، حيث يبدو الإنسان قلقًا، مضطربًا، مأزومًا، فهو ألعوبة في يد قوى خفيّة لا سيطرة له عليها؛ وقد تكون هذه القوى مصدرها الأُسرة أو المجتمع أو الحرب أو الروبوت الذكي أو "عجرفة" الإنسان التي تُوهمه بأنّه المخترع والمسيطر على الطبيعة والأحداث.
يتشابك مسارُ الحكايات الجزئيّة للشخصيّات مع مسار "الحكاية الأمّ" (حكاية الإطار) التي تجمعهم، ليُبيّن عدم قدرة الشخصيّات على الانفصال عن ماضيهم الّذي يكشف عالمهم الداخلي، إضافة إلى أنّ مفهوم الزمن، باعتباره يسير بخطّ مستقيم مُتتالٍ، يبدو غير مناسب عندما يتعلّق بذاكرة الإنسان وحالته الوجدانيّة.
تُدخلنا هذه الرواية إلى أجواء عجائبيّة، غريبة، يتضافر فيها الواقعيّ مع الخياليّ-السّحري، الإنسيّ واللا-إنسيّ، الماضي مع الحاضر والمستقبل، مِمّا يجعلها ثَريّة بالأبعاد الرمزيّة المفتوحة على القراءات المختلفة، بحسب طبيعة القارئ/ة الثقافيّة وطاقته الخياليّة وحالته المزاجيّة.
ويبقى العنوان لغزًا لا يكتشفه إلّا القارئ/ة. فما المقصود ب- 2036؟ ولماذا "السفر نحو الشمس" برمزيّتها ودلالاتها المتنوّعة؟
إليكم المقطع الذي جاء في التظهير والذي قد يُشكِّل، بحَد ذاته، قصّة قصيرة جدّا:
"لقد عرف سرّ يديها وشفتيها من قبل، بعد أن قصّت عليه حكاية طفولتها مع الشجرة التي تسلّقتها مِمّا أدّى إلى إصابة يديها الصغيرتين بخدوش كثيرة. كانت تلك شجرة قد استوطن فيها جنّيٌّ منذ أكثر من ألف عام بحسب أسطورة قديمة. لقد باغتها الجنّيّ ليلًا، بينما كانت نائمة، وجرح فخذها جرحًا صغيرًا، ولذلك هي متأجّجة الشهوة لا تشبع. كما ترك نقشًا واضحًا في أعلى كتفها كانت تخجل منه وتحاول إخفاءه لأنّه يذكّرها بصورة شيطانٍ رأتها مرسومة في الكتب القديمة. حكت له عن الخوف الشديد الّذي عانت منه بعد إحساسها بأنّ جسدها بات مسكونًا بشبح غير مرئيّ، دونَ أن تملك دليلًا ملموسًا على ذلك. وفي عتمة الغابة الشديدة تحوّلت إلى روح، أو بالأحرى إلى لا شيء، فهي لم تعد ترى جسدها، كما انعدمت صورة الأشياء من حولها. شعرت بأنّها قد أخطأت خطأ فادحًا، فوالداها لا بُدّ أنّهما قلقان عليها.. يبحثان عنها في كلّ مكان. رغم ذلك، ذاقت حلاوة الانتصار، فقد صارت شجرة عالية تكاد تلامس السماء كما حلمت دومًا".
صورة من الكاتبة
من هنا وهناك
-
إنجاز طبي لافت: د. مراد أبو فريح من رهط يحصل على الشهادة الأوروبية الثانية في جراحة واستبدال العظام والمفاصل
-
عضو الكنيست يوسف العطاونة: ‘هدم بيوت منطقة السر في النقب جريمة تطهير عرقي في وضح النهار‘
-
اعتقال رجل من الشبلي مشتبه بتسميم ثلاثة كلاب لجيرانه بسبب خلاف معهم
-
(ممول) مطلوب بشكل فوري لمصنع لحوم في باقة الغربية
-
تمديد اعتقال موظف في مطار بن غوريون من سكان الجنوب للإشتباه بإرتكاب مخالفات جنسية بنساء
-
‘ 2036 أو السفر نحو الشمس ‘ رواية جديدة للأديبة د. كلارا سروجي شجراوي
-
مصرع الشاب كمال ناصر الشاويش من الطور وإصابة آخر بانهيار كومة رمل بورشة بناء في مركز البلاد
-
أعضاء من الائتلاف يهاجمون قرار نتنياهو بإدخال المساعدات إلى غزة
-
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو : 'سوف نسيطر على كامل قطاع غزة'
-
بن غفير: نتنياهو يرتكب خطأ فادحا
أرسل خبرا